كتاب “الرجيف” للأستاذ حكمت النوايسة للتحميل المجاني

اتفقت مجلة اللويبدة مع الروائي الاردني المعروف حكمت النوايسة على عرض روايته “الرجيف” الصادرة مؤخراً للتحميل المجاني في موقع المجلة

رابط التحميل المجاني

أو بالضغط على الصورة

وكانت الزميلة “الرأي” نشرت عرضاً للرواية جاء فيه:

يقدم الشاعر والناقد د. حكمت النوايسة في روايته الأولى «الرجيف» والصادرة في عمان عن دار الإسراء للنشر والتوزيع، مقاربة فكرية جمالية لعالم تعصف به رياح التيه.

تستهل الرواية بمقولة لبطلها سفيان السفياني: «في كل نفس مغارة مجهولة غريبة نخاف دخولها»، إلا أن النوايسة يغوص بمجاهيل النفس البشرية لشخوص روايته، فيفض قيود كل المغائر النفسية لهم ويقدم من خلال الصراعات الداخلية والخارجية تظهر فيها قصص وحيوات تستحق البحث والمتابعة في التناقضات.

ينحاز الراوي في الصراع الذي يدور في صحراء الرجيف التي استحضرها الكاتب لتكون شاهدة على أفعال من يتركون على «دار العرب» أو يتركهم أهلهم بسبب ضعفهم أو مرضهم، إلى ذلك الغائب الذي يثقل كاهل الحكاية في حضوره الطاغي، فيفجر مفاصلها كل لحظة بأحداث تتوالى في بادية السماوة حيث يخيم صمت الحقيقة فاسحا المجال أمام التكهنات بمصير هذا الغائب.

في الحكاية التي يسيطر عليها البحث عن فارس غاب بين ثنايا الأحلام المجهضة يستقيم الفتى سفيان السفياني ليكون البطل الملهم والذي تنسب له الأفعال والأقوال، ويصح ما ينسب إليه ويستبعد ما لا ينسب إليه مهما كانت صحة او حقيقته، فسفيان الذي قاد جماعة الرجيف إلى موقف قوي ووضعهم في مصاف القبائل المحترمة كان بذرة أبيه التي تركها وغاب عنها في صحراء نجد باحثا عن حياة جديدة.

تتسارع أحداث الرواية التي تقع في 188 صفحة لتبحث عن مدى مصداقية ما قالته الأم لولدها ” أبوك ما مات… أبوك سيعود يوما ما.. أراه في عينيك…سيعود فلا تخذله…فلا تهدر عقلك فيما يهدر الأطفال به عقولهم…أنت لست طفلا…أنت عمود البيت إلى أن يعود عموده “

فالفتى الذي لم يولد طفلا وإنما رجلا قدّم الحكمة والقوة وحسن القيادة لجماعته وعرف منذ اللحظة الأولى أن والده تركه رهن الاحتمالات، ليتجاوز سفيان السفياني، نسبة له، كل الاحتمالات فيقدم نموذجا أكثر حضورا من والده، وكأن الراوي العالم بما يدور في مقبل الأيام قد انكشف له الحجاب ليعرف ملامح هذه الشخصية منذ طفولتها، فيطل على تركيبتها النفسية والمعرفية فيصنع بطله كما يرغب هو أو كما يحلم هو من خلال التأسيس لهذه الشخصية نفسيا واجتماعيا، فيغدو الفتى قائدا ملهما كما رغب الرواي، وهذا يؤكد أهمية نزعة البحث عن قائد أو شخص يسوس هذه القطعان البشرية المتناثرة أشلاء على أطراف الصحراء بعد أن تركت لتبحث عن مصيرها وتشكل قوتها ثم لتبحث عن دور في هذه الفضاء الذي لا يرحم.

وفي لحظة إمتاع وإثارة شائكة بين شخوص الرجيف على أرض السماوة يتسيد المشهد التراثي النابض بالحياة فتحضر الشخصيات مؤثثة لهذا الفضاء الساحر فيغدو نابضا بالحياة والمعرفة وخاصة المعرفة بالتراث الذي يقدم من خلال صور ذهنية جميلة تبعث في شخوص الرواية حضورا ناضجا يفسر مسارات حياتها خلال هذه الحياة التي تخيلها الراوي.

وتحرض الرواية وعلى أكثر من مستوى القارئ للبحث في ما يبحث عنه الراوي من دفع هذه الحيوات لتقديم رسائلها الفكرية المختبئة بين ثنايا الحكايات، خاصة وأن للكاتب تجربة شعرية ناضجة قدم من خلالها العديد من الدواوين الشعرية والتي تحمل في طياتها عديد الصور الفنية العالية، وهو إذ يحاول من خلال هذه الرواية الوصول إلى ما يطمح فأنه قد قدم نموذجا رمزيا عاليا في الوصول إلى ما يريد قوله، وذلك من خلال الزمن الذي بدا غائبا غير معلن مؤشرا بذلك إلى أن هذه الحكاية هي حكاية العربي الذي يختبئ خلف الزمن، ثم ليعود منصهرا في الزمن الحضاري ويقدم نموذجا جديدا فاعلا ومؤثرا حضاريا.

تسعى الرواية إلى تأصيل دور المرأة المحوري في البادية حيث بقيت أمّه حلقة الوصل المهمة والتي صنعت من سفيان السفياني بطلا لقبيلة أخرى وسادت هي القبيلة التي تركها سفيان، في حين لاتزال تناجي زوجها الذي يجول ويصول في صحراء أخرى، مقدمة نموذجا في الصلابة والقدرة على التحمل والإبداع.

ولعل المكان في رواية الرجيف وانحياز الرواي إلى بادية السماوة يستدعي الوطن المغيّب ويحمّله محمولات فكرية غائرة بين ثنايا النص، إضافة إلى ترميز الشخصيّات وتقديمها بمسوغات باحثه عن الوحدة.

إغلاق